قد يستغرب القارئ طرقي مثل هذا الموضوع في هذه الأيام وقد اهلنا عيد الفطر السعيد بأفراحه على الرغم من أحزاننا الخفية بين أضلعنا على وطن سلب وقضية نسيت...
لكني سمعت تلك المقالة منذ عدة ايام وما زالت ترن بأسماعي فقلت في نفسي ... هي والله تذكرة الدنيا قبل تذكرة الاخرة وما لك يا فلان من عذر أن تعي ما تسمع بقلبك وعقلك معا فتمد لك من أسباب النعيم الأخروي ما يهنيك وتقر به عينك معها وأن تبلغ ما عقلت منها لتكون لك بمثل الدينار والدرهم يربى ثم يربى في مقياس رب العالمين فتكون بذلك قد حزت طرفي النعيم في الدنيا والاخرة ولعلك بهذا تبدل به حال الشقاء والبؤس الذي يسطير على غياهب عقلك منذ أمد ...
ولنترك استطراد الكلام فقليله مفيد إن سمن وأغنى وكثيره هذر إن استفحل وفي السفاسف تغنى ....
وها أنا هنا أورد معنى الكلام لانصه وزبده لا متنه لعلة في أني كثير النسيان دائم الشرود والتوهان
ولعل الموت من تلك الكلمات التي تبعث على ذاك الشعور الغريب الذي يتطرق أسماعنا فيتوهم كل منا طريقته في التعامل مع تلك الحقيقة الواقعة لا محالة ونحن بذلك نجمع بين ضدين معا في ان واحد
فالموت هو غاية اليقين وغاية عدم اليقين ... وهو غاية التخصيص وعدم التخصيص معا في إعجاز يرينا عجزنا وصغر أحجامنا على ما فينا من تكبر وجبروت
وجال بظني ان الموت يسخر منا كل ساعة تلو أختها على جهلنا وما نحن فيه من تيه العقول والأفهام
فأما غاية اليقين وضده معا في تبيان أن اليقين بداخلنا أنه واقع لامحالة في انفسنا وفي حياتنا وتلك حقيقة لا مفر منها ولا محيص عنها ومع ذلك نجمع الضد معه بعدم يقيننا بمعاد وقوعه وجهلنا بزمن حدوثه بنحن بذلك تحت سخرية الموت منا على تشعبه فينا ولعبه بنا ونحن لا ندري .... ولعل ذلك من مقادير الله التي تجري على الأولين والاخرين لا تتبدل ولا تتغير فهل نحن متعظون ...
أما النقطة الثانية من جمع الأضضداد معا فيه قمة الخصوصية وضدها معا فنحن نوقن جميعا أن كل فرد منا ملاق ربه وحده فردا وحيدا غريبا لا مؤنس له إلا عمله وإحسانه ... فهي بهذا غاية الخصوصية لكن ضدها هي جهل كل نفس منا جهلها بمكان مواراتها التراب ...
( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت )
تلك هي عجائب الموت التي ترينا كل يوم عجيبة من عجائبه فهل نعي رسائله ونقدم له ما نتمنى معه لقائله ونتلهف للقيا وجهه العزيز الكريم التي تتلهف الأبصار لرؤيته، والعقول لإدراك معاني عظمته ، والقلوب لتعي جوانب حكمته وجميل عطفه ورحمته...
اللهم أنر قلوبنا بنور الإيمان بك وجميل التوكل عليك واجمعنا بنبيك المصطفى في جنتك ورضوانك ...
اللهم امين